غزة بين العصا والجزرة د.صالح النعامي


تم النشر 14 نوفمبر 2017


عدد المشاهدات: 1331

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


تعيش غزة إحباطا مبكرا من عوائد مشروع «المصالحة»، حيث إن المؤشرات طاغية على عدم جدية رئيس السلطة محمود عباس في إنجاز ما تم التوافق عليه في اتفاق  القاهرة الأخير.

وهناك ما يدلل على أن ساكن المقاطعة في رام الله معني أن يحول القطاع إلى ساحة لاستنساخ التجربة البائسة لسلطته في الضفة الغربية من خلال تقديم تلميحات واضحة بأن الغاية الرئيس لـ «المصالحة» هي تصفية بنية المقاومة في غزة.

هناك ما يدلل على أن ساكن المقاطعة في رام الله معني أن يحول القطاع إلى ساحة لاستنساخ التجربة البائسة لسلطته في الضفة الغربية من خلال تقديم تلميحات واضحة بأن الغاية الرئيس لـ «المصالحة» هي تصفية بنية المقاومة في غزة.


فمما لا شك فيه أن أخطر ما أسفر عنه عباس وفريقه هو إعطاء مؤشرات واضحة بأن مطالبتهم بـ «تمكين» السلطة في غزة بشكل مطلق يعني تجفيف منابع المقاومة من خلال توفير الظروف لنشوء بيئة أمنية تسمح بذلك.

فعدد من المقربين من عباس لم يترددوا في التصريح بأن «التمكين» يعني منح السلطة مطلق الصلاحيات «فوق وتحت الأرض»؛ وهو ما فهم على أن عباس لن يسلم ببقاء شبكات الأنفاق الهجومية والدفاعية التي حفرتها حركات المقاومة، والتي استنزف بناؤها دماء الكثير من المقاومين، ناهيك عن استثمار مقدرات ضخمة في تشييدها.

ولا حاجة للتذكير بأن الأنفاق باتت تمثل أهم استراتيجية دفاعية للمقاومة تُقلِّص، إلى حد ما، من قدرة الجيش الصهيوني على الإفادة من إمكانيات سلاحي الجو والمدرعات في الحروب والمواجهات.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما كشفه موقع قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية في 27/10 بأن تحولاً درامتيكياً «إيجابيا» طرأ مؤخرا على مستوى التعاون الأمني بين السلطة و"إسرائيل"، فإن هذا يعني أنه حتى لو لم تتمكن السلطة من توظيف اتفاق المصالحة في المس بمقدرات المقاومة بشكل مباشر، فإن تمكينها من أي قدر من الصلاحيات الأمنية يعني تسهيل مهمة الاحتلال في إعداد بنك الأهداف التي يمكن ضربها في أية حرب قادمة ضد القطاع، وذلك من خلال استغلال تعاون السلطة الأمني.

تدل كل المؤشرات على أن الزيارة المفاجئة وغير المخطط لها التي قام بها الأسبوع الماضي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للرياض بناء على دعوة عاجلة من القيادة السعودية مرتبطة بترتيبات لإعادة صياغة المشهد الإقليمي، بما يتوافق مع المصالح الإسرائيلية


في الوقت ذاته، تدل كل المؤشرات على أن الزيارة المفاجئة وغير المخطط لها التي قام بها الأسبوع الماضي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للرياض بناء على دعوة عاجلة من القيادة السعودية مرتبطة بترتيبات لإعادة صياغة المشهد الإقليمي، بما يتوافق مع المصالح الإسرائيلية.

فحسب ما كشفت عنه صحيفة «هارتس»، فإن استدعاء عباس على عجل إلى الرياض على الرغم من التحولات والتطورات الداخلية الدرامتيكية التي تعصف بالسعودية، جاء للتباحث معه حول سبل تطبيق التصور المشترك الذي صاغه جارد كوشنر، كبير مستشاري ترامب وصهره، خلال زياراته الأخيرة للمنطقة.

وهناك ما يدلل على أن التحركات الأمريكية والإقليمية ترمي إلى توظيف المصالحة الفلسطينية في تقليص النفوذ الإيراني في الساحة الفلسطينية، ولا سيما بعد الوتيرة العالية للزيارات التي قامت بها وفود تمثل حركة حماس لطهران مؤخرا.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو المطلوب من السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس القيام به من أجل ضمان إبعاد حماس عن إيران، ولا سيما بعد التوصل لاتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، والذي يراوح مكانه؟

فهل الولايات المتحدة والقوى الإقليمية ترى أن تحقيق هذا الهدف يتحقق من خلال مواصلة عباس إجراءاته العقابية ضد قطاع غزة التي تعاظمت بعد اتفاق المصالحة من أجل دفع حماس للموافقة على تقليص ارتباطها بإيران وإجبارها على مقايضة قوتها العسكرية بتحسين الأوضاع الاقتصادية في القطاع وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار؟

فاستخدام العصا في التعامل مع حماس بعد اتفاق المصالحة، كما يفعل عباس حاليا، قد يدفعها لخلط الأوراق وقلب الطاولة على الجميع من خلال المبادرة بشنّ مواجهة ضد "إسرائيل" تزيد الأمور تعقيدا بما لا يخدم الرؤية السعودية الأمريكية للمنطقة


وهناك سيناريو آخر لا يمكن استبعاده، يتمثل في أن القوى الإقليمية والولايات المتحدة معنية أن تحاول احتواء حماس باتخاذ إجراءات تفضي إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة بشكل فوري، حتى يتم إيصال الغزيين إلى قناعة بأن هناك الكثير سيخسرونه في حال رفضت حماس التخلي عن قوتها العسكرية أو على الأقل وقف جهودها الهادفة لتعزيز هذه القوة.

فاستخدام العصا في التعامل مع حماس بعد اتفاق المصالحة، كما يفعل عباس حاليا، قد يدفعها لخلط الأوراق وقلب الطاولة على الجميع من خلال المبادرة بشنّ مواجهة ضد "إسرائيل" تزيد الأمور تعقيدا بما لا يخدم الرؤية السعودية الأمريكية للمنطقة. وهذا ما يدركه الجانب المصري الذي يبدي تحفظا على سلوك عباس الأخير تجاه غزة.

المصدر: السبيل الأردنية



 




- انشر الخبر -