ماذا بعد زيارة الرئيس عباس للولايات المتحدة والعلاقة الفلسطينية الداخلية؟


تم النشر 05 مايو 2017


عدد المشاهدات: 1739

أضيف بواسطة : أ.محمد سالم


توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمقابلة رئيسها دونالد ترامب، ويحمل في جنبات ذاكرته، وحقائبه ملف القضية الفلسطينية بكل تفاصيله، ولكن للأسف ترك خلفه انقساما فلسطينيا، وانفتاحا سياسيا في ذات الوقت.
إن حالة الانقسام الفلسطيني تغلغلت في المجتمع الفلسطيني؛ لتفتك ببناء الأسرة الواحدة، وتعددت البرامج السياسية الفلسطينية الخاصة بمعالجة القضية الفلسطينية والتي أدخلتنا في أتون احتداد سياسي بلغ لحد الشخصنة السياسية، وهذا الأمر خطير جدا على حرية الرأي والتعبير، وأخشى ما أخشاه أن يتحول المعارضون إلى عناوين للقدح السياسي والتخوين، وبالتالي الهدف من ذلك القضاء على الخصم ولو على حساب الفجور في الخصومة.
الملفت للنظر أن حركة حماس تتقدم بوثيقة سياسية في هذه الأثناء تتطابق إلى حد كبير مع إعلان وثيقة الاستقلال لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1988، وما تم إضافته عليها باعتقادي فقط ما يخص البعد الإسلامي وعلاقة الامتداد بحركة الإخوان المسلمين لها.
ليس عيبا أن تبني حركة حماس على ما ابتدأه سلفها، ولربما هذا التوجه ينسجم مع مقالي الموسوم بعنوان:" أول الغيث قطرة ...ماذا بعد موسكو؟!"، وقلت حينها: " ما ألاحظه أن حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة لم تقرأ التاريخ، ولم تبنِ على التجربة الفلسطينية المريرة حتى وصلت لما وصلت إليه، وعلى ما يبدو أنها تريد أن تتجرع التجربة ذاتها مرة أخرى، ولربما ستكون أشد...! "
على أية حال هذه خطوة مهمة على طريق تقرير المصير، وفي الوقت نفسه تنم عن قراءة جديدة لحركة حماس تشمل: التاريخ والجغرافيا والمحيط الإقليمي والثوابت والمتغيرات بشكل أعمق، ولكن لا أعرف هل حقا جاءت وثيقتها هذه لتعميق الشراكة السياسية الفلسطينية؟ أم هي محاولة منها لحرف بوصلة المشروع السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية باتجاهها؟ وبالتالي حرف بوصلة التمثيل الفلسطيني.
لاشك أن حركة حماس ذات جذور ضاربة في التاريخ الفلسطيني لا أحد يستطيع أن يتجاوزها، ولكن عليها أن تعزز النهج الديموقراطي؛ لكي تعم ثقافة الطمأنينة والثقة للرأي العام الذي توجه إليها يوما لخوض حركة التغيير والإصلاح.
على أية حال ما يفهم من وثيقة حركة حماس أنها تعد نفسها لمرحلة من الشركة السياسية ضمن منظمة التحرير الفلسطينية خاصة أنها تعلم جيدا أن المحيط لا يأمن الفكر الإسلامي وإن أبدى مرونة مطلقة، ولا تفهم دول الإقليم ذات الفكر المختلف أنه بمجرد فكت ارتباطها بحركة الإخوان المسلمين أنها فعلا تخلت عن امتدادها.
لقد خطّت حركة النهضة الاسلامية، وهي من مدرسة الإخوان المسلمين نهجا معتدلا جدا لدرجة أنها تحولت إلى حركة مدنية، وهذا يعني أن القدرة على التحول والمرونة موجودة في النظرية الفكرية لمدرسة الإخوان المسلمين.
ما أخشاه أن تتحرك دولة قطر بدفعنا تجاه ازدواجية التمثيل من خلال لعبها دور العراب في هذا النطاق، ولذلك المطلوب من القطريين تفعيل ملف المصالحة الفلسطينية، وربط أجزاء الوطن عضويا وفكريا ببعضه، وإلا أصبحنا نعمل وفق رؤية دولة الاحتلال (الإسرائيلي) في تشتيت القضية وتصفيتها تماما.
سيعود الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسيلتقي محور دول الرباعية، ولربما لقطر جزء من هذا المحور مستقبلا لتفعيل ملف المصالحة، وباعتقادي أن مجيء الرئيس سيضعنا أمام خارطة طريق فلسطينية جديدة، وبالتالي المرحلة المقبلة مرحلة المصالحة الفلسطينية أو مرحلة التمثيل الفلسطيني المزدوج إذا ما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال (الإسرائيلي) اللعب على المتناقضات، ولكن أرجح السيناريو الأول، ولربما تأتي اللحظة للذهاب معا إلى الانتخابات بقائمة انتخابية واحدة لمواجهة حالة التصدع والانقسام.
ولكن في المقابل إن بقيت حماس متعنتة تجاه المصالحة، وإنهاء الانقسام وفق الرؤية الإقليمية، فالمتوقع في هذه الحالة الذهاب لانتخابات تشريعية ورئاسية بنظام الدائرة الواحدة، وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي تجريد حماس من شرعيتها الدستورية وهنا ستتلو هذه الخطوة خطوات أخرى.
أحمد أحمد مصطفى الأسطل
كاتب ومحلل سياسي.




- انشر الخبر -