صراع الأدمغة ... عنوان المواجهة القادمة د. هشام مغاري


تم النشر 02 إبريل 2017


عدد المشاهدات: 1395

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


لا يتورع الاحتلال عن مواجهة المقاومة في غزة بكل الطرق والأساليب، خشنة أو ناعمة؛ عسكرية أو أمنية أو اقتصادية.

إن قراءة المشهد الممتد منذ الحرب الأخيرة على غزة، وما صاحبه من هدوء نسبي، انتهى بعملية اغتيال الشهيد مازن فقهاء، والتعرف إلى طبيعة القيادة العسكرية الحالية في "إسرائيل"، والتي تفضل مواجهة الأعداء باتباع استراتيجية ليدل هارت (الاقتراب غير المباشر)، والتي تقوم على محاولة هزيمة العدو بأقل قدر من المواجهة المباشرة أو إراقة الدماء، كل ذلك يمكن أن يعطينا تصوراً عن ملامح المواجهة في المرحلة القادمة.

إن دراسة عميقة لما ذكرناه، تسوقنا إلى أن اغتيال الشهيد مازن فقهاء هو بداية لمرحلة جديدة من المواجهة، عنوانها حرب الأدمغة، أو الحرب الاستخبارية، أو الحرب السرية، وهي أسماء متعددة لشيء واحد، وأطراف الحرب في هذه المعركة هم أجهزة الأمن في الجانبين، وهذا النوع من الحروب خسائره المادية والبشرية قليلة، لكنها نوعية، وذات أثر كبير على توازن الطرف الخاسر، وقد تدفعه أحياناً للتصرف بعشوائية وردة فعل غير مدروسة.

ومما تتميز به الحروب السرية، أن أطرافها تمارس مهامها وأنشطتها دون التصريح بالمسئولية، لتُبقي المشهد محاطاً بقدر من الضبابية والغموض؛ مما يعيق الطرف المستهدف عن تشخيص العدو المهاجم بشكل دقيق، فضلاً عن أن بعض الأعداء غير المتوقعين، يمكن أن يمارسوا أنشطة عدائية سرية وهم يدركون أن أصابع الاتهام لن تتوجه إليهم، وبالتالي تبقى هناك احتمالية، ولو ضئيلة، لوجود خطأ في تشخيص العدو المهاجم، لا يمكن حسمها إلا بعد انتهاء التحقيق والحصول على أدلة قاطعة، وهذا ربما يأخذ وقتاً طويلاً.

أثبتت حركة حماس جهوزيتها العالية لمواجهة جيش الاحتلال مواجهة عسكرية في حروب ثلاثة، وبعض المواجهات المتفرقة بينها، وبالتالي يدرك الاحتلال أن تكرار المواجهة العسكرية المباشرة مع حركة حماس، خصوصاً في ظل تنامي قدرات حماس العسكرية، ربما يعطي نفس النتائج السابقة، التي أحرجت الاحتلال، وسجلت لحركة حماس نقاط انتصار كثيرة، ليس أقلها منع الاحتلال من إحراز النصر أو تحقيق الأهداف.

لكن التجربة لم تثبت بعد أن حركة حماس تمتلك جهوزية عالية لخوض الحروب السرية بنفس قدر جهوزيتها للمواجهة العسكرية المباشرة، رغم تحقيق حماس كثيرًا من الإنجازات في مجال الأداء الاستخباري وحروب الأدمغة. وبالتالي، نحن أمام منعطف مهم يجب أن تقف فيه حماس أمام نفسها، لتعيد حساب قدراتها المادية والبشرية، التي ستخوض بها هذا النوع من الحروب؛ لتحقيق إنجازات كبيرة توازي تلك التي حققتها في المواجهات العسكرية.

إن على حركة حماس أن تعطي قدراً كبيراً في المرحلة القادمة لتطوير قدراتها الاستخبارية مادياً وبشرياً وتقنياً، وتستثمر كل ما أمكنها من أدمغة (عقول) قادرة على التفكير الاستراتيجي والإبداعي، لأن المرحلة القادمة ستشهد شكلاً جديداً من المواجهة والحروب، جنودها هم أصحاب الأدمغة.

 




- انشر الخبر -