معركة أجنادين أ.د خالد الخالدي


تم النشر 06 نوفمبر 2016


عدد المشاهدات: 2516

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


هي أولى معارك المسلمين الكبرى ضد الروم في فلسطين، وليس لأجنادين ذكر في خرائط فلسطين، لكن الباحثين أكدوا أنها تبعد 11كم إلى الشمال من بيت جبرين، و39 كم إلى الجنوب من الرملة.

التقت جيوش المسلمين الخمسة في منطقة أجنادين تحت قيادة خالد بن الوليد، وكان عدد جند المسلمين نحو 33 ألف رجل، أما الروم فوصل عدد جندهم إلى نحو مائة ألف مقاتل.

بدأت المعركة يوم السبت27 جمادى الأولى 13هـ/30-يوليو-634م

وقد قدمت مصادرنا التاريخية مشاهد كثيرة من معركة أجنادين، أوجزها أهمها بالنقاط التالية:

المشهد الأول: قائد ميمنة المسلمين معاذ بن جبل يحرض على القتال قبل بدء المعركة، فيقول:" يا معشر المسلمين اشروا أنفسكم اليوم لله، فإنكم إن هزمتموهم اليوم كانت لكم هذه البلاد دار الإسلام أبداً مع رضوان الله، والثواب العظيم من الله"، وتحت هذه المعاني الإيمانية خاض المسلمون معاركهم لفتح الشام وفلسطين.

المشهد الثاني: ينقل ابن إسحاق مشهداً من أجنادين، فيقول:" لَمَّا تدانى العسكران بعث القبقلار رجلاً عربياً فقال له: ادخل في هؤلاء القوم، فأقم فيهم يوماً وليلة ثم ائتني بخبرهم، فدخل في الناس رجلٌ عربيٌّ لا يُنكر، فأقام فيهم يوماً وليلة، ثم أتاه فقال له: مه ما وراءك؟ قال: "بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق ابن ملكهم قطعوا يده، ولو زنى لرجم، لإقامة الحق فيهم. فقال له القبقلار: لئن صدقتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها، ولوددت أنّ حظي من الله، أن يخلّي بيني وبينهم، فلا ينصرُني عليهم ولا ينصرُهم عليّ".
المشهد الثالث: تزاحف الناس، فاقتتلوا، فلما رأى القبقلار ما رأى من قتالهم، قال للروم: " لفّوا رأسي بثوب، قالوا له: لمَ؟ قال: هذا يوم بئيس، ما أحب أن أراه، ما رأيت من الدنيا يوماً أشدَ من هذا، فاحتزّ المسلمون رأسه، وإنه لملفّف".

المشهد الرابع: نقل الواقدي مفاوضات حصلت قبل بدء القتال بين خالد بن الوليد ووردان قائد جيش الروم، قال وردان: " يا خالد اذكر لي ما الذي تريدون، وقرِّب الأمر بيني وبينكم، فإن كنتَ تطلب منا شيئاً فلا نبخل به عليك، صدقة منّا عليكم، لأننا ليس عندنا أمةٌ أضعفَ منكم، وقد علمنا أنكم كنتم في بلاد قحط وجوع، تموتون جوعاً، فاقنع منا بالقليل، وارحل عنا، فلما سمع منه خالد هذا الكلام قال له: يا كلب الروم إن الله عز وجل أغنانا عن صدقاتكم وأموالكم، وجعل أموالكم نتقاسمها بيننا، وأحل لنا نساءكم وأولادكم، إلا أن تقولوا: {لا اله الا الله محمد رسول الله}، وإن أبيتم فالحربُ بيننا وبينكم أو الجزية عن يَدٍ وأنتم صاغرون، وبالله أقسم إنَّ الحرب أشهى لنا من الصلح، أما قولك يا عدو الله لم تكن أمة أضعف منا عندكم، فأنتم عندنا بمنزلة الكلاب، وإن الواحد منا يلقى ألفاً منكم بعون الله تعالى، وما هذا خطاب من يطلب الصلح، فإن كنتَ ترجو أن تصل إليّ بانفرادي عن قومي وقومك فدونك وما تريد، فلما سمع وردان مقالاتِ خالد، وثب من مكانه من غير أن يجرد سيفه، وتشابكا وتقابضا وتعانقا، قال: فصاح عدوُّ الله عندما وثق من خالد، وقال لأصحابه: بادروا الآن، الصليب قد مكَّنني من أمير العرب، فما استَتَمّ كلامه حتى بادر إليه الصحابة كأنهم عقبان، يتقدمهم ضرار بن الأزور...فضربه على عاتقه فخرج السيف يلمع من علائقه ... وقد أدركته سيوف المجاهدين فقطعوه إربا إربا ...وأخذوا رأس عدو الله وردان وتوجهوا نحو عسكر الروم، فلما وصل خالد الصفوف نادى يا أعداء الله هذا رأس صاحبكم وردان، أنا خالد بن الوليد، أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه رمى الرأس وحمل عليهم، وحمل المسلمون وحمل أبو عبيدة، وقال: احملوا يا أهل القرآن، وحفاظ الدين وحماة المسلمين، فلما رأى الروم رأس وردان ولُّوا الأدبار، وركنوا إلى الفرار، ولم يزل السيف يعمل فيهم من وقت الصباح إلى الغروب، قال عامر بن الطفيل الدوسي: كنت مع أبي عبيدة ونحن نتبع المنهزمين إلى طريق غزة، إذ أشرف علينا خيل فظننا أنها نجدة من عند الملك هرقل ... وإذا بالغبرة قد قربت منا، فإذا هي عسكر أرسلها أبو بكر الصديق، وما رأوا أحداً من المنهزمين إلا قتلوه ونهبوا ما معه".

المشهد الخامس: قال الواقدي: وكان الروم بأجنادين تسعين ألفا، فقتل منهم في ذلك اليوم خمسون ألفاً، وتفرق من بقي منهم، فمنهم من انهزم إلى دمشق، ومنهم من انهزم إلى قيسارية، وغنم المسلمون غنيمة لم يُغنم مثلُها، وأخذوا منهم صلبان الذهب والفضة، فجمع خالد ذلك كله مع تاج وردان إلى وقت القسمة، وقال خالد: لست أقسم عليكم شيئاً إلا بعد فتح دمشق إن شاء الله تعالى".

استشهد من المسلمين في أجنادين أبان بن سعيد بن العاص، وهشام بن العاص أخو عمرو بن العاص، وطليب بن عمير بن وهب وهو ابن أروى بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تحقق للمسلمين في هذه المعركة انتصار كبير، وتحطمت هيبة الروم، وشعر المسلمون عملياً بفضل الإيمان والصبر والاحتساب، وانطلقوا لاستكمال فتوحهم بعزيمة وثبات وخبرة وتجربة.

لكنهم لم يستكملوا فتوحهم داخل فلسطين، لاعتقادهم أنّ عليهم أن يحطموا قوة الروم في أهم مراكزهم، وبعدها ستصبح بقية فلسطين سهلة. وتوجهوا إلى دمشق ملتفين من جنوب البحر الميت مارين بشرق الأردن.

التقى المسلمون بقوات الروم في مرج الصُّفر الواقعة إلى الجنوب من دمشق بحوالي 38كم، وهزموهم في 17-جمادى الآخرة-13هـ.

جاءت البشارة لأبي بكر وهو في الرمق الأخير، فقال: "الحمد لله الذي نصر المسلمين وأقرَّ عيني بذلك". وتوفي رحمه الله في مساء يوم الثلاثاء 21-جمادى الاخرة-13هـ.

فلسطين أون لاين




- انشر الخبر -