أبي أنت فخري ... بقلم أ.حازم الأسطل


تم النشر 03 إبريل 2016


عدد المشاهدات: 2603


بسم الله الرحمن الرحيم
في ذكرى وفاة والدي رحمه الله ...3/4/2011م
أحببت أن أتكلم عن تلك القيم التي غرسها فينا من أجل أن تكون بيانا عمليًا ومن باب إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها علم يُنتفع به ... فقد كان والدي رحمه الله أنموذجًا في سلوكه وكلامه ومبادئه وعلاقاته ومما علمنا إياه وزرعه فينا:
أولًا: حب الله والالتزام بتعاليم دينه وقد كان يدعونا إلى الوسطية في كل شيء وكثيرًا مايردد قوله تعالى: ( وكذلك جعلناكم أمة وسطًا )، وقد عمل حبيبنا _رحمه الله_ على توجيهنا منذ الطفولة إلى الأخلاق الحميدة والسلوك القويم وقد كان قدوة يُقتدى به في الحفاظ على سلوك منضبط غرسه فينا خاصًة في ظل مجتمع متفتح على الثقافة الغربية كالجزائر..ومن أمثلة السلوك الطيب التي حرص عليها بشكل ملفت حسن العشرة مع الأهل والأقارب والتغاضي عن الزلات وامتصاص المشاكل والهفوات ومن أمثلة ذلك علاقة مميزة مع أعمامي شكلت نموذجا في الاحترام المتبادل والتقدير والبعد عن الحسابات المالية الدقيقة التي تذوب بين الأشقاء ..
ثانيًا : حب الوطن : شاء الله سبحانه وتعالى أن نولد في بلاد الغربة وأن نتغرب عن فلسطين الحبيبة ... لنذوق مرارة الاغتراب ولنحرم من دفء الأرض والأهل والأرحام ... لكنه عوضنا عن ذلك كله بأن كان لنا وطنا نعيش فيه بكل ما في الوطن من معاني الاحتواء والانتماء والذوبان .وزاد عن ذلك بأن ربط قلوبنا بحب فلسطين والشوق إليها وحرص أن نزورها دائما رغم تعب السفر وتكلفته لنبقى مُعلقين بها وبأحبائنا فيها -فقد كان يعمل ويدخر لعامين وثلاثة ويصرف ما أدخره في رحلة السفر من أجل ماسبق –
ثالثا : حب العمل :كان رحمه الله محبًا لعمله متفانيا في أدائه سواء في تلك الفترة التي عمل بها مُدرسًا للغة العربية في الجزائر ومساهمته في تعريب الطلاب وتحبيبهم في لغتهم الأم بعد أن حاولت فرنسا واحتلالها الطويل أن تمحو الثقافة الإسلامية والعربية وقد وصل بذلك مبلغا نال معه أعلى درجات التقييم في حسن الأداء والتميز ونال تقدير المسؤولين عنه والمشرفين والزملاء ولازالت أجيال السبيعينات والثمانينات من تلاميذه الذين تتلمذوا على يديه يتواصل بعضهم معنا ويذكر كل واحد منهم أثرا طيبا تركه الوالد فيه .واستمر في نفس النهج عندما عاد إلى الوطن وعمل في مجال تخصصه الأصلي كمحام تميز بانضباطه والتزامه بأصول المحاماة ليكون صاحب مبدأ لايتنازل عنه أبدا وهو الانتصار للحق وفقط دون مواربة أو خداع أو انتهاز لفرصة ما ..وكان يرفض الكثير من القضايا التي تعرض عليه حفاظا على مبادئه حتى نال ثقة الزبائن والمراجعين الذين أثقلهم خبر وفاته المفاجىء في حينها وقد ذرف الكثير منهم الدموع وهم يذكرون مآثره ويدعون له بالرحمة .
هذا غيض من فيض وبعض مما علمنا إياه حبيبنا والدنا رحمه الله وخلاصة ما يمكن قوله أنه كان رحمه الله صاحب رسالة في الحياة عنوانها العطاء والالتزام ...اللهم اغفر لوالدي وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره ,وأهلا خيرا من أهله , وأدخله الجنة بغير حساب وأعذه من عذاب القبر .




- انشر الخبر -