أسرار توفيق الله


تم النشر 13 مارس 2016


عدد المشاهدات: 2158


أسرار توفيق الله

 

التوفيق مطلب المؤمنين، ورجاء العابدين، وحِلية العارفين؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]، ومعنى التوفيق: إصابة الحق، ونيل المُبتَغى، والوصول إلى رضا الله تعالى؛ حيث تصير حياة المؤمن سعادة ورضا وأمنًا وخيرًا كلُّها؛ لا تُغيِّرها الفتن، ولا تَعصِف بها وساوسُ شياطين الإنس والجن، فيَثبُت المؤمن على عقيدته، ويرضى بقضائه، ويحمد ربَّه في سرَّائِه وضرَّائِه.

 

ولا يتحقَّق التوفيق إلا بأمور، أُجمِلها فيما يلي:

الإخلاص لله؛ ومتى تحقَّقْتَ به، فقد أفلحتَ وأنجحت، وهو سر اصطفاء الأنبياء؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 51]، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتُغِيَ به وجهُه))؛ رواه النسائي.

 

الدعاء وكثرة اللجوء إلى الله بالسؤال في الأمور كلها، وهو مِن فِعل الأنبياء؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]، وكلما دعوتَ الله استشعرت قربه ومحبته ورحمته، وهو من أعظم العبادات، وأجَلِّ القُرُبات.

 

التوكل على الله؛ ويكون بالتبرُّؤِ التام مِن حولِك وقُوَّتك، والاعتماد على الله وحده دون سواه؛ فعند الامتحان لا تتوكل فقط على اجتهادك في التحصيل، وعند البحث عن عمل لا تعتمد على مهاراتك وقدراتك وخبراتك، وفي التجارة لا تَركَن إلى ذكائك وفطنتك، بل تجعل اعتمادك على الله قبل كل شيء، وتستعين به في أمورك كلِّها، وتأخذ بالأسباب وأنت معتمد على توفيق الله وتدبيره وحكمته.

 

حسن الظن بالله؛ ويكون بالرضا والتسليم لقضاء الله وقدره، والاعتقاد الجازم أنَّ الله عليم حكيم خبير رحيم، لا يقضي لعبده قضاءً إلا كان خيرًا له، ويَصرِف عنه السوء، ويرحمه ويلطُف به.

 

المُسارعة إلى الخيرات؛ وتكون بالجد في الطلب، وابتغاء الأجر في مواطن الخير، واغتنام فرص الطاعة والثواب؛ فالمؤمن همته عالية لا يرضى إلا بمعالي الأمور، وعظائم الأجور، فهمُّه نَيْل رضا الله، فيُكثر من النيات في العمل الواحد، وينأى عن العجز والكسل، ويُداوم على أعمال الخير والبر.

 

كثرة الإنابة والتوبة؛ وهي الإقبال على الله بمحبة وخضوع، والإعراض عمَّا سواه، والرجوع إليه في كل وقت، والندم على الذنب، والإسراع في مَرضاته.

 

اليقين بالله؛ وهو الاعتقاد بأن كل ما في الكون مُسيَّر بحكمة الله وتدبيره، والثقةُ بالله، والاستسلام لأمره، واستمداد القوة منه سبحانه؛ فلا يَخاف المؤمن من غده؛ لأن النفع والضر لا يتحقق إلا بمشيئته عز وجل.

 

بر الوالدين؛ وهو من أعظم أبواب التوفيق ونَيْل السعادة في الدارين، سأل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيُّ العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: ((الصلاة على وقتها))، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: ((بر الوالدين))، قلت: ثم أيٌّ؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))؛ أخرجه البخاري ومسلم.

 

سلامة القلب؛ وهي من صفات الأنبياء، يقول الحق تعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 83، 84]، وهي الخُلُوص من الشِّرك ومن كل أمراض القلب؛ من غلٍّ وحَسَدٍ وكِبْرٍ وبَغضاء ورياء... ولا يسلَم القلب من هذه الأمراض إلا إذا كان صاحبُه ذا همَّة وعزم في جهاد نفسه وتزكيتها، فمَن تحقَّق له ذلك، فقد ضَمِن التوفيق والسعادة والفلاح بإذن الله.

 

اللهم ارزقنا التوفيق، وزدنا علمًا وعملًا صالحًا، واجعلنا من المتقين المخلصين، وصلى الله على نبينا محمد ما ذكَره الذاكرون، وغفل عن ذِكره الغافلون.

 

 



- انشر الخبر -