اهمية الوقت في الصراع


تم النشر 10 مارس 2016


عدد المشاهدات: 1579


علم الوقت وتجارب الشعوب والتجارب الشخصية، جميعها أكدت، ان الوقت ثمين جدا، وإن احسنت قيادة دولة او ثورة او مؤسسة او شخص إستخدام وتنظيم الوقت لبلوغ الاهداف المرادة، فإنها تنجح بالضرورة. بالتالي الاستثمار الجيد للوقت، المتلازم مع الاعداد المناسب للعوامل الذاتية والموضوعية يؤمن تحقيق الغايات الخاصة او العامة. والعكس صحيح. إذاً لا يجوز الاستخفاف بالوقت او التعامل العفوي معه، حيث قالت الحكمة "الوقت كالسيف إن لم تقطعه، قطعك!" 

في التعامل مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية ومخططاتها الاستعمارية تحتاج القيادة الشرعية إلى ميزان من ذهب في إستثمار الزمن كعامل هام وضروري لردها لنحورها، وقطع الطريق عليها. لان حكومات إسرائيل المتعاقبة وليس حكومات نتنياهو الاربعة فقط عملت بشكل دؤوب على إستخدام مبدأ التسويف والمماطلة لتحقيق مآربها الكولونيالية. ولم تضع ثانية من الوقت لتنفيذ مشاريعها التطهيرية وتبديد المشروع الوطني. وحرصت حكومات إسرائيل كلها التخطيط العلمي لتحقيق ما تصبو اليه وفق آليات تقوم على:اولا رفع شعار سياسي او اقتصادي سياسي امني؛ ثانيا تحديد جدول زمني لتحقيقه؛ ثالثا وضع سيناريوهات عدة لتكريس المشروع المقرر؛ رابعا تهيئة العوامل الذاتية والموضوعية بما في ذلك العرب والفلسطينيين. والعوامل الاربعة آنفة الذكر، تقوم بعد إخضاع كل هدف للدراسة والتمحيص من قبل الكفاءات ذات الاختصاص في مراكز الابحاث الاسرائيلية وبعض الاوروبية والاميركية، وحتى من خلال الاثارة الاعلامية للاهداف، لتحفز اصحاب الرأي والمراكز البحثية الفلسطينية والعربية لمعالجتها، بهدف الوقوف على إستخلاصاتها وأخذها بعين الاعتبار إن كانت ذات شأن. 

ولا يعيب القيادة الفلسطينية التعلم من الاعداء. لان القيمة تحقيق الاهداف والمصالح العليا للشعب العربي الفلسطيني. خاصة وان الجميع يدرك، ان سياسة الانتظار والمراوحة في ذات المكان لايخدم الكفاح الوطني التحرري، بل العكس صحيح. الامر الذي يحتم على اللجنة التنفيذية للمنظمة واللجنة المركزية وقيادات الفصائل والحكومة ووزاراتها كل على انفراد الارتقاء بروح المسؤولية في التعامل مع الوقت. لان العمل بروحية "على بركة الله" لا تخدم ما تصبوا اليه كل منها. 

ولو تم أخذ موضوع الرسالة، التي ارسلتها القيادة لحكومة نتنياهو كنموذج ومثال على ما تقدم، يلحظ المرء الاتي: اولا تأخر زمن إرسالها، وكان يفترض ان تكون مباشرة بعد إتخاذ قرارات المجلس المركزي للمنظمة في آذار 2015، لتعكس حزم وقوة القيادة؛ ثانيا إنتظار عام على إرسالها سمح لاسرائيل مواصلة تنفيذ مخططها الكولونيالي، حيث تضاعف حجم الاستيطان الاستعماري في اراضي دولة فلسطين المحتلة؛ ثالثا إزدياد عدد القوانين والاجراءات العنصرية ضد الشعب العربي الفلسطيني في داخل الداخل وفي اراضي الدولة الفلسطينية؛ رابعا تراجع  وإضمحلال الامل بحدوث اي تقدم في مسار التسوية السياسية؛ خامسا نتيجة لما تقدم إنفجار الهبة الشعبية الفلسطينية؛ سادسا إتساع دائرة العمليات التطبيعية بين الدول العربية وإسرائيل بشكل علني وغير علني؛ سابعا نكوص الاقطاب الدولية وخاصة اميركا عن ممارسة الضغط على حكومة نتنياهو لدفع عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 للامام؛

الاستخفاف الاسرائيلي بمضمون الرسالة الفلسطينية، التي طالبت حكومة نتنياهو بالالتزام بالاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير، والعودة الى ما كانت عليه الاوضاع عشية إنتفاضة الاقصى سبتمبر/ايلول 2000، جاء على لسان زئيف الكين، وزير الاستيعاب الاسرائيلي، الذي تنبأ بانهيار السلطة، وهو ما يعني، رفض الائتلاف الحاكم التعامل بجدية مع القيادة الشرعية، والعمل في ذات الوقت لتبديد السلطة الوطنية كمقدمة لتصفية القضية الوطنية برمتها إن إستطاعت. ولا يقتصر الامر عند حدود الموقف الاسرائيلي، بل يطال قوى عديدة تحاول العبث بمكانة ودور الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية، وتعمل على طمس وتغييب فلسطين عن الجفرافيا السياسية. إذاً الضرورة تملي التعامل مع الوقت بحساسية عالية. والاستثمار الامثل له في تحقيق الاهداف التكتيكية على طريق بلوغ الهدف الاستراتيجي.
 




- انشر الخبر -