تاريخ الهجرة وأهميتها


تم النشر 21 ديسمبر 2020


عدد المشاهدات: 1036

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


تاريخ الهجرة وأهميتها

 

لقد كانت الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة إيذانا بانطلاق الإسلام إلى جزيرة العرب وخارجها، بل إلى آفاق العالم كله.. فبعد أن كان المسلمون مُحاصرين في مكة أو مطاردين حولها أو في الحبشة، أصبح لهم دولة قائمة بذاتها لها كيان مستقل عمن حولها، لهم فيها حرية العبادة، ولهم كيانهم داخلها يتزعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدبر لهم أمورهم وأمور من جاورهم من غير المسلمين، من المشركين واليهود.

 

كما أصبح لهم صلاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية مع من جاورهم من دول وقبائل. وأصبحت لدولتهم علاقات عديدة وجيش خاص يدافع عنها ضد الخطر الخارجي، كل صحابته صلى الله عليه وسلم جنود في هذا الجيش، حتى النساء يساعدن الجنود في غزواتهم، ويقمن بالدفاع عن دولتهم حين يشتد الخطر بها[1].

 

هذا، ويذكر ابن كثير تاريخ الهجرة فيقول[2]:

«وذلك أول التاريخ الإسلامي كما اتفق عليه الصحابة في الدولة العمرية... قال البخاري في حديث عن ابن عباس: بُعث النبي صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة فمكث فيها ثلاث عشرة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقد كانت هجرته صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته صلى الله عليه وسلم، وذلك يوم الإثنين كما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس أنه قال: ولد نبيكم يوم الإثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، ونبئ يوم الإثنين، ودخل المدينة يوم الإثنين، وتوفى يوم الإثنين...».

 

وهذا أيضا ما ذكره ابن سعد في طبقاته[3] مع بعض الاختلافات كما أخرج الحديث مسلم في صحيحه[4].

 

بدء الهجرة النبوية:

لما تم اتخاذ قرار المؤتمرين بقتل الهادي البشير رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر من الله تعالى وأخبره بالمؤامرة وإذن الله له في الخروج والهجرة، وقال له: لا تبت هذه الليلة في فراشك الذي كنت تبيت عليه، لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم، وقد اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام فيثبون عليه، قال لعلي بن أبي طالب: «نم على فراشي وتَسَجَّ ببردى هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم». ثم ذهب صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الصديق وفي وقت الهاجرة[5] ليبرم معه مراحل الهجرة[6].

 

وفي هذا الصدد تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

«كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشيّة، حتى كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، في ساعة كان لا يأتي فيها. قالت: فلما رآه أبو بكر، قال: ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث. قالت: فلما دخل، تأخَّر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخرج عني من عندك»؛ فقال: يا رسول الله، إنما هما ابنتاي، وما ذاك؟ فداك أبي وأمي! فقال: إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة. قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله؟! قال: «الصحبة». قالت: فوالله ما شعرت قطّ قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ، ثم قال: يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا. فأستأجر عبد الله بن أريقط. رجلا من بني الدَّئل بن بكر، وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو وكان مشركا يدلهما على الطريق، فدفعا إليه راحلتيهما، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما»[7].

 

وكان أبو بكر قد اشترى راحلتين قبل ذلك طمعا أن يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته. يقول ابن كثير: «فابتاع راحلتين حبسهما في داره يعلفهما، إعدادا لذلك، قال الواقدي اشتراهما بثمانمائة درهم[8]» وإحداهما تسمى «القصواء» وقد دفع الرسول صلى الله عليه وسلم ثمنها[9].

 

أما عن تصميم النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفع لأبي بكر رضي الله عنه ثمن الراحلة، رغم أن أبا بكر قد أنفق عليه أكثر من ذلك من ماله حتى أنه دفع إليه حين بنى بعائشة رضي الله عنها ثنتي عشرة أوقيه ونصف[10]، فلم يأب من ذلك حتى أنه كان صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من أحد أمن علي في أهل ومال من أبي بكر، إلا أنه يُذكر أنه إنما فعل ذلك إنما لتكون هجرته إلى الله بنفسه وماله رغبة منه عليه الصلاة والسلام في استكمال فضل الهجرة على أتم أحوالها[11].

 

وقال ابن إسحاق: ولم يعلم فيما بلغني بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد، حين خرج إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر.

 

أما عليٌّ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - أخبره بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم[12].

 

ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى بيته ينتظر مجيء الليل ليقوم بما أمره الله به من الهجرة من مكة إلى المدينة في رحلة كانت حاسمة بين الدعوة في مكة مع الاضطهاد والمطاردة والحوار مع الكافرين دون جدوى وبين إقامة أمة إسلامية على أساس من العقيدة والشريعة الإسلامية لها كيانها فكانت نواة لأمة الإسلام بكل أسسها[13] فهي - كما يقول أستاذنا محمد الطيب النجار - رحلة خالدة ستكون حدا فاصلا بين الحق والباطل وسيتقرر بها مصير الإسلام والمسلمين[14].

 

عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته وقد أوصى علي بن أبي طالب بالمبيت في فراشه، وقد أحكموا عليه المؤامرة، فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، يقول ابن إسحاق: لما اجتمعوا له، وفيهم أبو جهل بن هشام، فقال وهم على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره، كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجعُلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بُعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تُحرقون فيها[15].

 

هذا، وقد كان تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل، فبانوا متيقظين ينتظرون الساعة الحاسمة، ولكن الله نجا رسوله ودينه من بين براثنهم وهو القائل لفرسوله وحبيبه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ[16] أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: 30] فالله غالب على أمره، وهو الذي بيده ملكوت السموات والأرض[17].

 

ويقول ابن إسحاق بعد ذلك: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده، ثم قال: «أنا أقول ذلك، أنت أحدهم» - ردا على مقالة أبي جهل في مقالته السابقة – وأخذ الله تعالى أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من سورة يس: ﴿ يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [يس: 1 – 9].

 

ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب، فأتاهم آت ممن لم يكن معهم، فقال: ما تنتظرون هاهنا، قالوا: محمدا، قال: خيّبكم الله، قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون، فيرون عليها على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون والله إن هذا لمحمدا نائم، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي رضي الله عنه عن الفراش، فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا[18].

 

وفي الروض الأنف للسهيلي[19] يقول: أنهم لم يقتحموا الدار على النبي صلى الله عليه وسلم لأن العرب كانوا يستحون من تقحهم الدار عليه حتى لا يتطلعون إلى حرمة النساء «بنات العم»، وإنما جاءوا لقتله فقط. فهذا الذي أقامهم بالباب حتى أصبحوا ينتظرون خروجه ثم طمست أبصارهم عنه حين خرج.

 

وعن فضل قراءة سورة يس يقول: «وفي قراءة الآيات الأولى من سورة يس: من الفقه التذكرة بقراءة الخائفين له اقتداء به عليه السلام، فقد روى الحارث ابن أبي أسامة في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكره فضل «يس» أنها إن قرأها خائف أمن، أو جائع شبع، أو عار كسى، أو عاطش سقي حتى ذكر خلالا كثيرة.

 

في غار ثور:

غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ليلة السابع والعشرين من شهر صفر عام 14 من البعثة/ 12، 13 سبتمبر عام 622م[20] وأتى دار رفيقه - وأمّن الناس عليه في صحبته وماله - أبي بكر رضي الله عنه[21].

 

ويقول ابن سعد أنه ظل في منزل أبي بكر إلى الليل، ثم خرج هو وأبو بكر[22] خرجا من باب خلفي، ليخرجا من مكة على عجل، وقبل أن يطلع الفجر[23].

 

وأمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر.

 

وأمر عامر بن فهيرة مولاه برعي غنمه نهاره، ثم يريحها عليهما، يأتيهما إذا أمسى في الغار، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما[24].

 

ولما كان الهادي البشير رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشا ستجدّ في الطلب، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهله هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالا، فقد سلك الطريق المضاد له تماما، وهو الطريق المتجه جنوبا إلى اليمن.

 

وقد كبّده ذلك مشقة كبيرة، فقد سلك هذا الطريق ومشى نحو خمسة أميال جنوبا حتى وصل الجبل المعروف بجبل ثور، وهو جبل شامخ، طريقه وعر، ومرتقاه صعب، ذو أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حمله أبو بكر الصديق رضي الله عنه، حتى بلغ الجبل، وطفق يشتد به حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل، عُرف في التاريخ «بغار ثور» وقد ذكر أن أبا بكر كان يبكي لما يرى من أثر الجروح يقطر دما في قدميه من الحفاء والمجاهدة في طلوع الجبل»[25].

 

دعاء الهادي البشير رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء خروجه من مكة:

وهنا يذكر ابن كثير دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أثناء خروجه من مكة، فعن أبي نعيم عن طريق إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال: «بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة مهاجرا إلى الله يريد المدينة قال: «الحمد لله الذي خلقني ولم أك شيئا، اللهم أعنّي على هول الدنيا، وبوائق الدهر، ومصائب الليالي والأيام، اللهم اصحبني في سفري، واخلفني في أهلي، وبارك لي فيما رزقتني، ولك فذللني، وعلى صالح خلقي فقومني، وإليك رب فحببني، وإلى الناس لا تكلني، رب المستضعفين وأنت ربي، أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له السماء والأرض، وكشفت به الظلمات، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين، أن تحل عليَّ غضبك، وتنزل بي سخطك، أعوذ بك من زوال نعمتك، وفجأة نقمتك، وتحوّل عافيتك، وجميع سخطك، لك العتبى عندي خير ما استطعت، ولا حول ولا قوة إلا بك»[26].

 

كذلك ذكر السهيلي في الروض الأنف[27]، أن الهادي البشير رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما خرج من منكة، وقف على الحزورة، ونظر إلى البيت وقال: «والله إنك لأحب أرض إليّ، وإنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت» روى الحديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

 

كما ورد عند ابن قيم الجوزية في زاد المعاد[28] حديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأمر بالهجرة، وأُنزل عليه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 80].

 

كما ذكر ابن قيم الجوزية عن قتادة قال: «أخرجه الله من مكة إلى المدينة مُخرج صدق، ونبي الله يعلم أنه لا ط اقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل الله سلطانا نصيرا، وأراه الله عز وجل دار هجرته وهو بمكة فقال: أريت دار هجرتكم بسبخة ذات نخل بين لابتين»[29].

 

كذلك ذكر ابن قيم الجوزية[30] عن ابن عباس قال: «لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن، فأنزل الله عز وجل: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج: 39]. وهي أول آية نزلت في القتال، وإسناده على شرط الصحيحين ثم فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم دون من ليقاتلهم فقال: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190].

 

وفي حديث آخر أورده ابن كثير عن نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة: أن النبي صلى الله عليه وسلم «لما خرج هو وأبو بكر إلى غار ثور، فجعل أبو بكر يكون أمام النبي صلى الله عليه وسلم مرة، وخلفه مرّة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: إذا كنت خلفك خشيت أن تؤتى من أمامك، وإذا كنت أمامك خشيت أن تؤتى من خلفك، حتى إذا انتهيا إلى الغار من ثور قال أبو بكر: «كما أنت حتى أدخل يدي فأحسّه وأقصه، فإذا كانت فيه دابة، أصابتني قبلك». قال نافع: فبلغني أنه كان في الغار جحر، فألقم أبو بكر رجله ذلك الجحر تخوفا أن يخرج منه دابة أو شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم[31].

 

وأورده ابن هشام مختصرا في السيرة فقال: وحدثني بعض أهل العلم أن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار ليلا، فدخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلمس الغار، لينظر أفيه سبع أو حيّة، يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يأخذ من ثوبه ويسد فم الأجحار فبقى منها جحر فألقمه عقبه[32].

 

وقد ذكر أن أبا بكر لدغته حيّة يكتم ألمه حتى فاضت عيناه، فنزل الدمع على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستيقظ فقال: «ما لك يا أبا بكر؟» فأخبره ما حدث، فتفل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبرئت بإذن الله تعالى[33] كما ذكر السهيلي أنه حينما وقف المشركين على فوهة الغار قال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قُتلت فإنما أنا رجل واحد، وإن قُتلت أنت هلكت الأمة[34].

 


[1] المؤلفة، وانظر: موسوعة صحابيات الهادي البشير صلى الله عليه وسلم للمؤلفة، طبعة دار الفكر العربي، القاهرة.

[2] البداية والنهاية ج3 ص191، باب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

[3] طبقات ابن سعد ج1 ص224 – 225.

[4] صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، وصحيح مسلم كتاب الفضائل، باب كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة، واللؤلؤ والمرجان.

[5] الهاجرة: شدة الحرّ بين الظهر والعصر.

[6] السيرة ج2 ص222 مجلد مع الروض الأنف، ج2 ص482، 483، طبعة ابن كثير، والبداية والنهاية لابن كثير ج3 ص190.

[7] السيرة ج2 ص224 مجلد مع الروض الأنف، ج2 ص484، 485، البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص192.

[8] البداية والنهاية ج3 ص192.

[9] طبقات ابن سعد مج1 ص227، 228.

[10] وهو مهر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

[11] السيرة ج2 ص225 مجلد مع الروض الأنف، وأيضا الروض الأنف ج2 ص230 مجلد مع السيرة.

[12] السيرة ج2 ص224 مجلد مع الروض الأنف، ج2 ص485، طبعة ابن كثير، والبداية والنهاية ج3 ص192.

[13] المؤلفة.

[14] القول المبين ص138.

[15] يثبتوك: أي يقيدوك أو يحبسوك.

[16] السيرة ج2 ص222، مجلد مع الروض الأنف ج2 ص483، طبعة ابن كثير، البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص190، 191، الرحيق المختوم، ص162.

[17] الرحيق المختوم ص162.

[18] السيرة ج2 ص223 مجلد مع الروض الأنف، ج2 ص483، طبعة ابن كثير، والبداية والنهاية لابن كثير ج3 ص191.

[19] ج2 ص229 مجلد مع السيرة النبوية، طبعة دار الفكر، بيروت.

[20] محمد سليمان سلمان المنصور فوري «1930م» ج1 ص95، ويكون شهر صفر هذا من السنة الرابعة عشرة من النبوة إذا فرضنا بداية السنين من شهر محرم، وأما إذا بدأنا السنين من الشهر الذي أكرم الله فيه نبيه صلى الله عليه وسلم بالنبوة فيكون من شهر صفر هذا من السنة الثالثة عشرة قطعا، وعامة من يكتب في السيرة ربما يختار هذا، وربما يختار ذلك فكثيرا ما يتخيط في ترتيب الوقائع، ويقع في أغلاط، ونظرا إلى ذلك اخترنا بداية السنين من شهر المحرم «انظر هامش الرحيق المختوم ص164».

[21] الرحيق المختوم ص164.

[22] طبقات ابن سعد ج2 ص228.

[23] الرحيق المختوم ص164.

[24] السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص224 مجلد مع الروض، ج2 ص485 طبعة ابن كثير، البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص193.

[25] الروض الأنف ج2 ص231، 232، والبداية والنهاية لابن كثير ج3 ص195، ورحمة للعالمين ج1 ص95، ومختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ عبد الله النجدي آل الشيخ، «القاهرة، المطبعة السلفية، 1379هـ، والرحيق المختوم ص164.

[26] البداية والنهاية ج3 ص192، 193.

[27] ج2 ص231 مجلد مع السيرة.

[28] ج3 ص60، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده، والترمذي في التفسير، باب: من سورة بني إسرائيل، كما صححه الحاكم في المستدرك، ووافقه الذهبي.

[29] زاد المعاد ج3 ص60، والمستدرك للحاكم ج3 ص3، 4 من حديث عائشة، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصحيح البخاري في الكفالة، كما أخرجه أحمد في مسنده.

[30] زاد المعاد ج3 ص71، ورواه الحاكم في مستدركه عن ابن عباس.

[31] انظر السيرة لابن هشام ج2 ص486، طبعة ابن كثير، «وقد أورده مختصرا»، والبداية والنهاية لابن كثير ج3 ص193، 194.

[32] السيرة ج2 ص224 مجلد مع الروض الأنف، ج2 ص486 طبعة ابن كثير.

[33] مشكاة المصابيح: ولي الدين محمد بن عبد الله التبريزي، ديوبنديدلي، الهند، المكتب الرحيمية «عن مناقب أبي بكر» ج2 ص556، السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة لمحمد أبو شهبه، دمشق، دار القلم ط41 ج1 ص479، 1418هـ/ 1998م والرحيق المختوم ص164.

[34] الروض الأنف ج2 ص32.



رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/143101/#ixzz6hEZJHdDr




- انشر الخبر -