إن شانئك هو الأبتر / خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ ياسين الأسطل


تم النشر 18 يناير 2015


عدد المشاهدات: 1420


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.



{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)  }الأحزاب .

أما بعدُ، فإن أصدق الحديث كتابُ اللهِ، وخيرَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار، وبعد، إخوة الإسلام والإيمان :

 

{ إن شانئك  هو الأبتر} 

 

الأنبياء والرسل عليهم السلام مقامهم عند الله وعند المؤمنين عظيم ، فهم الهداة إلى الخير، والدعاة إلى التوحيد ، لله مماتهم ومحياهم ، وفي الله سكونهم ومسعاهم ، رحمة للخلائق ، وصلة وتمتيناً للعلائق ، ولكن شياطين الجن والإنس لا يروق لهم  رائق ، يفسدون ولا يصلحون ، ويسيئون ولا يحسنون ، يعادون الله عز وجل وأنبيائه ، ويعلنون بالحرب على الحق وأوليائه ، والله يدافع عن عباده المؤمنين ، وأنبيائه المرسلين ، ففي سورة الكوثر قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :{ بسم الله الرحمن الرحيم    إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)  }،فمن يسب الحق وأهله فهو المسبوب ، وهو الهالك المعطوب ، وقد ورد في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث عن الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ, ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ, ثنا أَبُو نَوْفَلٍ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ:  كَانَ لَهَبُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ يَسُبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبَكَ»,  قَالَ: فَخَرَجَ يُرِيدُ الشَّامَ فِي قَافِلَةٍ مَعَ أَصْحَابِهِ قَالَ: فَنَزَلَ مَنْزِلًا قَالَ: فَقَالَ:  وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخَافُ دَعْوَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: قَالُوا لَهُ: كَلَّا , قَالَ: فَحَوَّطُوا الْمَتَاعَ حَوْلَهُ وَقَعَدُوا يَحْرُسُونَهُ قَالَ: فَجَاءَ السَّبُعُ فَانْتَزَعَهُ فَذَهَبَ بِهِ ".

إخوة الإسلام ، أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم :

لئن أضاع هؤلاء الحمقى أعداء الله ورسله وأنبيائه والمؤمنين الأخلاق فلن نضيعها نحن أهل الإسلام ، لنعاملنهم بأخلاقنا الكريمة ، فنحن الدعاة إلى الله عزوجل ، محاسن الأخلاق هي الحافز الكريم في بعث الهِمَم ، فالأمم الأخلاقُ ما بقيت ، فإن ذهبت أخلاق أمةٍ ذهبت .

كِرامُ الأخلاق هي أخلاق الكرام ، والمؤمنون هم أصلُ المكارم كُلِّها ، وينبوعُ الفضائل جُلِّها ، ولقد حفل القرآنُ الكريمُ والسُّنَّةُ المُطَهَّرةُ بأخلاق المؤمنين والإشارة إليها ، و الترغيب فيها والحثِّ دوماً عليها ، فأخلاق المؤمنين هي الأخلاقُ التي تحلى بها الرسل عليهم الصلاةُ والسلامُ والأنبياءُ ، وكذا العابدون الصالحون الأتقياءُ ، وهي المنهلُ العذبُ المورود ، والصراطُ المستقيمُ الممدود ، وهي الميزانُ الراجح ، والبرهانُ اللائح ، والعمل الصادقُ الواضح ، لا لبسَ ولا تلبيس ، ولا تكذيبَ ولا تدليس ، بل عبادةٌ لله وحده وتقديس ، تقوىً وإيمانٌ ، وأمنٌ وأمان ، وحصـنٌ وإحصان ، وتضحيةٌ وتَفَان ، وبذلٌ وعطاءٌ ، وصبرٌ ومصابرة ، ورغبةٌ فى الآخرة ، فما عند الله خيرٌ وأبقى ، ومرضاةُ الله أبرُّ وأتقى .

أخلاقُ المؤمنين مرتبطةٌ وثيق الارتباط بإيمانهم بربهم عز وجل ، يقول الله تبارك وتعالى في سورة الشورى : 

{ فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)}

وأخلاق المؤمنين كذلك مرتبطةٌ مع رباط الإيمان بالله وحده لا شريك له وثيقَ الارتباط بالصالحين من الأهلين الآباء والأزواج والذرية ، يقول جل ذكره في سورة الرعد :  

{ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) }.

أيها المسلمون ، يا عباد الله :  

ولقد مدح الله تعالى المؤمنين  ، ونسبهم إلى اسمه الرحمن بما اتصفوا به من أخلاقٍ حسنةٍ كريمة ٍ ، ووعدهم الغرفات الآمنات في الجنة فقال سبحانه في سورة الفرقان : { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) }. 

فالحلمُ عند جهل الجاهلين ، والأناةُ عند تناول الأمور خلقان كريمان من أخلاق المؤمنين ، وفي سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه واللفظ لأبي داود قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو الْجَمَاهِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا ، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ ".

من أخلاق المؤمنين يا عباد الله : دعوتهم إلى الله تعالى بالقول الحسن والكلمة الطيبة ، والقدوة الصالحة ، وعد النفس في الناس ، فليسوا خيراً منهم إلا بفضل الله على من يشاء بالتفضل لا بالادعاء ، قال تعالى في سورة فصلت :{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}.

فخيار المؤمنين هم أحاسنهم أخلاقا ، وفي صحيح البخاري ومسلم وأحمد واللفظ لمسلم قال : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : ( دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِينَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْكُوفَةِ فَذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا ، وَلَا مُتَفَحِّشًا . وَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ".

اللهم رضينا بك ربا، وبالإسلام دينا ، وبمحمدٍ صلى الله عليه و سلم نبياً ورسولا ، اللهم فاغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، وفرج كروبنا ، إنك سميع الدعاء يا غفور يا رحيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .  

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله حمداً كافياً وافياً بكلِّ لسان ، يكافي بالشكر ما أكرم وأنعم ، ويوافي بالذكر ما أسبغ وأتمم ، والصلاة والسلام عظيماً على النبي محمدٍ ما ذكر الله الذاكرون ، وشكره سبحانه الشاكرون ، سرمداً أبدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، أما بعد ، أيها المسلمون :

عباد الله أيها المسلمون :

إن شانئك هو الأبتر ! ، الرسوم السيئة المسيئة مرة أخرى  ، هي مسيئة لمن يروج لها ، ويقوم عليها ، وليست مسيئة لا للإسلام ولا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأبي هو وأمي هو أعلى وأغلى ،  وهو الشمس لايغطى نورها ، ومن يحاول إساءته صلى الله عليه وسلم فهو أولى بسوء قصده وفعله ، فقد قال الله في سورة الكوثر : ( إن شانئك هو الأبتر ) ...

ونتساءل ونسأل هذه الرسوم السيئة والمسيئة لأصحابها ..كانت من قبل مرة بعد مرة ، وليس لها هذا الرواج والتضخيم ، ولكن وبعد الهجوم على الصحيفة الفرنسية ها هي تعود وتوزع صحيفتها التي هوجمت في باريس بالملايين مرة أخرى ، وهذا متوقع ومعروف ، لماذا ..

لأن العنف لا يولد إلا العنف سواءً كان مادياً أم فكرياً وفي شتى صوره ، ولذلك أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال في سورة المؤمنون : (  ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96)  )  ولا يرد على الفكر إلا بالفكر ، فالفكر الحق يطرد الفكر الباطل ، الفكر الصواب يبين الفكر الخطأ ، ومن المعلوم أن الخطأ لا يعالج بالخطأ ولكن يعالج بالصواب ، ومن هنا كنا نرى أن الرسل والأنبياء وأتباعهم على مر العصور كانوا يصيبهم الأذى والضيق والقتل أحياناً وكانوا يصبرون على ذلك ، لأن المقصود هو رضا الله ولو زهقت نفوسهم في سبيله سبحانه وتعالى .

وفي الحديث عن أبي عبد الله خَبَّاب بنِ الأَرتِّ - رضي الله عنه - ، قَالَ : شَكَوْنَا إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ متَوَسِّدٌ بُرْدَة لَهُ في ظلِّ الكَعْبَةِ ، فقُلْنَا : أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ألاَ تَدْعُو لَنا ؟ فَقَالَ :  ( قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الأرضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ فَيُجْعَلُ نصفَينِ ، وَيُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِه وَعَظْمِهِ ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ الله هَذَا الأَمْر حَتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَموتَ لاَ يَخَافُ إلاَّ اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ ، ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ ) رواه البخاري .

عباد الله :

هداني وإياكم بالقرآن كتاب الله العظيم ، والحكمة سنة النبي العربي الكريم ، ألا وصلوا على البشير النذير ، و البدر السراج المنير ، سيد الأولين والآخرين ، وقائد الغر المحجلين ، اللهم صل وسلم ، وبارك وأنعم ،على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم برحمتك ومنك وكرمك، يا أرحم الراحمين ، اللهم أعز الإسلام و المسلمين ، واحم حوزة الدين ، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوما ، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروما ، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم اهد التائهين ، واغفر للمذنبين ، ورد الضالين ، اللهم تب على العصاة من أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم الخطائين المخطئين ، وارحم اللهم عبادك أجمعين ، اللهم إنا نستعيذ بك من شرور أهل الشرك والفساد ، والكفر والعناد ، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ،  اللهم أعزنا ولا تذلنا ، اللهم ارفعنا ولا تضعنا ، اللهم أغننا ولا تفقرنا ، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا ، اللهم خذل لنا ولا تخذلنا ، اللهم ربنا يا الله إنا نسألك مما سألك منه نبيك محمدٌ صلى الله عليه وسلم  وعبادك الصالحون ،ونستعيذك مما استعاذك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون ، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا ، وأجدادنا وجداتنا ، وأزواجنا وأبنائنا وبناتنا ، وأعمامنا وعماتنا ، وأخوالنا وخالاتنا ، وأقربائنا وقريباتنا ، وجيراننا وجاراتنا، وجميع المسلمين يا -رب العالمين ، اللهم ربنا وفقنا لما تحب وترضى ، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك ، ولا تجعلها فيمن نابذك وعصاك ، اللهم احفظ ولي أمرنا بحفظك الأئمة المسلمين ، وارعه برعايتك أوليائك المتقين ، واشمله بنصرك وتأييدك السابقين الأولين ، اللهم وفقه وإخوانه ولاة أمر المسلمين وخذ بأيديهم لسياسة الدنيا وحراسة الدين ، وارزقهم البطانة الصالحة التي تأمرهم بالخير وتحثهم عليه ، وجنبهم البطانة السيئة التي تأمرهم بالشر وتحثهم عليه ، اللهم يا الله نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعل لنا خير الآخرة والأولى ،برحمتك يا أرحم الر احمين ، وصل اللهم وسلم وبارك وأنعم على نبيك محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.

  




- انشر الخبر -