فيديوهات فض اعتصام القيادة تصيب بعض السودانيين بـ"الصدمة"


تم النشر 12 يوليو 2019


عدد المشاهدات: 1303

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


أثارت فيديوهات وصور فض اعتصام القيادة أحزان السودانيين، وقلّبت مواجع رفاق وذوي ضحايا المجزرة التي يمر على تفاصيلها المؤلمة أربعون صباحا.

قبيل حادثة فض اعتصام الثوار من أمام مقار الجيش في الخرطوم تعمدت سلطات المجلس العسكري الانتقالي تغييب وسائل الإعلام عن ميدان الاعتصام، لكن كاميرات لناشطين وهواة وربما جهات أخرى كان تترصد بعضا مما حدث في ذلك الصباح.

ورغم أن الرصد كان عبر تلصص كاميرات بعينها فإن ما سجل من مشاهد مفجعة شكل صدمة لدى كثيرين.

كانت الصدمة الكبرى على من عاشوا الحدث في 28 رمضان عندما اقتحمت الميدان قوة مسلحة في زي قوات الدعم السريع.

تقول الدكتورة رحاب المجمر -وهي اختصاصية صدمات وتتابع باعتبارها طبيبة حالتين من حالات الصدمة تعرضت لها فتاتان كانتا بالميدان في "تلك الساعات العصيبة"- إن من يتعرضون لمثل ذلك الحدث يعانون من حالات اضطراب نفسي، وهو ما يشكو منه بعض من أصيبوا في المجزرة.

وتشخص حالة الصدمة بأنها مرض يعرف بـ"اضطراب ما بعد الصدمة" ترافقه أعراض تسهل ملاحظتها "مثل صعوبة النوم أو محاولة تجنب النوم ليلا خوفا من الكوابيس المتكررة والمتعلقة بالحادثة وذكرياتها".

تماضر محمد الحسن -وهي طبيبة أمراض عصبية ونفسية- تشير إلى أن إعادة خدمة الإنترنت "ارتبطت بمواجع رهيبة بعد نشر العديد من المقاطع المصورة التي تفنن صانعوها في توثيق أعنف وأسوأ طرق التعامل مع المواطنين والمواطنات العزل"، مشيرة إلى أن تلك الصور والمقاطع "أحدثت هزة نفسية عنيفة في نفوس من شاهدوا تلك المشاهد البربرية لما فيها من قسوة مفرطة وعنف رهيب".

وتضيف الدكتورة تماضر "أن بعض من تعرضوا لتلك المشاهد أصيبوا باكتئاب وإحباط، خاصة من تعرضوا للفيديوهات التي في خلفياتها أصوات استغاثة لفتيات يطلبن المساعدة أثناء تعرضهن للاغتصاب".

ويقول خبير قانوني إن مشاهد الفيديو لا تشكل بينة كاملة، إذ من الممكن التعرض لمحتوياتها، لكنها تعضد الاتهام ضد مرتكبي الجريمة عندما يتم تعزيزها بشواهد أخرى أو تؤكد جهات الاختصاص صحتها.

الناشط السياسي محمد سائح يقول إن تصوير مشاهد فض الاعتصام "قصد بها كسر روح الثوار وإهانتهم وإذلالهم".

ويضيف أن من صور تلك المشاهد "كان يحاول إدانة الجنجويد بأنهم وحدهم من قتلوا الثوار".

ومن وجهة نظر محمد فإن "تحليل المشاهد يؤكد أن بعض القتلة كانوا يرتدون زي الجنجويد، في اختراق واضح لهم كجهة مسلحة"، لكن ذلك الاختراق -وفق تعبيره- "لا يعفي الدعم السريع من المسؤولية التي تقع في الأساس على عاتق المجلس العسكري الانتقالي".

ويقول الصحفي إبراهيم مصطفى إن معاناة من شاهدوا مقاطع الفيديو لفض الاعتصام لا تقل عن معاناة من عايشوا أهوال الحدث في الميدان في ذلك الصباح.

وفي هذا الصدد، ينقل مصطفى تعليقات بعض من تعرضوا لتلك المواد عبر الوسائط، كقولهم "إنهم عجزوا عن تكملة مشاهدة اللقطات المصورة لما تحويه من فظائع تدمي القلوب".

ويشير إلى أن بعض النشطاء بثوا مقاطع فيديو وشهادات سماعية لبعض الشهود بعد حادثة فض الاعتصام مباشرة "إلا أن ما نشر بعد إرجاع خدمة الإنترنت للبلاد كان أكثر هولا، وفوق ما تصوره السواد الأعظم من السودانيين".

ويضيف مصطفى أن "نشر تلك المقاطع الفظيعة لعملية إخلاء الميدان سيلقي بظلال سلبية على الثقة المتواضعة التي بدأ المجلس العسكري في اكتسابها بعد اتفاقه مع قوى الحرية والتغيير على تقاسم السلطة".

لغز
وبشأن تأثير تلك المقاطع المصورة على بناء الثقة بين العسكر وقوى الحرية والتغيير، يقول الكاتب عمار محمد آدم للجزيرة نت "إن الهدف من مجزرة القيادة ومن بث الصور في هذه المرحلة هو إفشال اتفاق تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين".

ويشير آدم إلى ملاحظات أخرى بشأن الحادثة بقوله "إن من صور مشاهد الفيديو تلك كان يسعى إلى إبعاد التهمة عنه"، والدليل على ذلك -من وجهة نظره- أن مصور تلك المشاهد "كان يصور الفظائع بهدوء وكأنه مأذون له بذلك".

ويضيف "ربما كان التصوير من خلال كاميرات مثبتة، ما يعني أن لدى تلك الجهة التي قامت بالتصوير معرفة بتوقيت فض الاعتصام".

ويخلص آدم من ملاحظاته تلك ليقول إن "الراصد لتلك الفظائع أراد الإيقاع بجهة معينة، وهي قوات الدعم السريع وإخفاء متورطين آخرين".

ومن وجهة نظره، فإن الجهة القادرة على مثل ذلك الفعل "ليست سوى قوى الثورة المضادة بما يتوافر لها من إمكانيات".

ويتساءل آدم عن السبب وراء عدم الكشف عن أسماء الضحايا، كما أن الخرطوم وهي مجتمع مترابط ومفتوح -على حد وصفه- "لم تشهد مأتما بحجم العدد الذي تناقلته وسائط الاتصال".

لكل هذا وذاك يعتبر آدم فض الاعتصام وما تبعه من حوادث دامية "لغزا يظل يؤرق السودانيين -خاصة ذوي الضحايا- لسنوات عديدة".

المصدر : الجزيرة




- انشر الخبر -