ما هو سبب النرجسية؟ ولماذا تعتبر الصورة الكبيرة أهم؟معاذ الشحمه


تم النشر 10 يوليو 2019


عدد المشاهدات: 1492

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


إن الكون يدور من حولنا بسرعة وكأننا خشب مسندة، لا نرى أحد يريد أن يفعل شيء إلا أن يبرز نفسه ويظهر للعالم وحال لسانه يقول تعالوا فانظروا لي، يريد أن يمتلك البقعة المضيئة من المسرح، وأن يظهر على الشاشات وفي الجرائد وفي الإعلانات، حتى لو كان ما يفعله لا يقتنع به شخصياً إلا أنه فقط يفعله ليرضي الآخرين من صنيعه، فهو يخالف قيمه ومبادئه، فقد نظر لكونه موجود في كوكب يدور من حوله غير مكترث به، ولم يجد سبيلاً ليجذب انتباه هذا الكوكب إلا بمحاولات فاشلة للفت النظر، فإذا أردت أن يهتم الناس بك عليك أولاً أن تهتم بهم، أو كما قال أحد الحكماء إذا أردت أن تكون مهماً فعليك أن تهتم بالآخرين أولاً.
 

كيف تستطيع أن تحقق الشهرة والحب في كل مكان؟

ولا شك في أن من يتحدثون دائماً عن نفسهم ولا ينتبهون لما حولهم فإنهم يعانون من أبشع أنواع الأمراض النفسية من الاكتئاب والوساوس والنرجسية وغيرها، فلذلك إذا أردت أن تصبح مشهوراً فعليك أولاً أن تنسى نفسك تماماً وكأنك تنظر لصورة كبيرة تحيط بك من كل اتجاه بألوانها وأشكالها وزخارفها المختلفة، فإذا أحسنت الانتباه لتفاصيل هذه الصورة الكبيرة ولم تركز على الصورة الصغيرة تحسنت هذه الصورة بأكملها وأصبحت فائقة الجمال بمكوناتها مجتمعة وأدركت أن الأهم هو الصورة الكبيرة.
 

  •  
  •  
لا تظن أن كوكب الأرض يدور من حولك يا صديق فهو في الحقيقة يدور حول الشمس، فبدلاً من تركيزك للداخل باستمرار توجه للخارج إلى الصورة الكبيرة وانظر للآخرين

فمن يشعر بالوحدة وبأحاسيس الإهمال من الآخرين فلا يستغرب هذا الشيء، لأن كل شخص مشغول بحياته، وحتى أقرب أصدقاءك لن يتحملوا حديثك الدائم عن إنجازاتك ونجاحاتك أو إخفاقاتك على حد سواء لأنهم مشغولين بأنفسهم، فإن أردت أن تحقق الشهرة والحب في كل مكان تزوره فما عليك إلا أن تنسى نفسك وتنظر للصورة الكبيرة وتنتبه لها أكثر، ويبدأ الانسان العيش حقاً عندما يتمكن من العيش خارج نفسه كما يقول ألبرت أينشتاين، فجميع الناس في العالم باستثناء شخص واحد هم عبارة عن آخرين، فإذا أردت أن تحقق الفوز بالعلاقات فعليك أن تنظر للآخرين وتنسى نفسك.
 

أمثلة تجسد معنى الأنانية بمفهومها الواضح

عجباً لأمر الأطفال فإنهم يجسدون معنى الأنانية في وصف واضح بمظهره كما تقول رسالة البريد الالكتروني التي وردت لأحدهم فشعر بمعنى الأنانية الذي كان يظنه بديهياً وواضحاً إلا أنه غير وجهة نظره بعدها:
إذا كان الشيء يعجبني، فهو ملكي.
وإذا كنت أستطيع أخذه منك، فهو ملكي.
وإذا كنت أمتلكه منذ برهة مضت، فهو ملكي.
وإذا كنت أقول بأنه ملكي، فهو ملكي.
وإذا كان يبدو أنه ملكي، فهو ملكي.
وإذا رأيته أنا أولاً، فهو ملكي.
وإذا كنت تستمتع به، فهو بالتأكيد ملكي.
وإذا كنت أنت الذي صنعه، فهو ملكي.
وإذا كان محطماً، فهو ملكك!

إنه معنى الأنانية بمفهومه الواضح، وكمثال على ذلك عندما أجرت إحدى المذيعات مقابلة تلفزيونية مع أحد الفنانات الشهيرات فبعد أن تحدثت ما يزيد عن نصف ساعة عن نفسها سألت المذيعة أخيراً فقالت لها الآن أريد أن أسألك سؤالاً: ما رأيك فيني؟! فضحكت المذيعة والفنانة، فكن عاقلاً ولا تكن أنانياً.
 

السر وراء الوصول إلى السعادة

فأنجلينا جولي مثلاً تقول إنها حققت كل ما يقول الناس عنه أنه يحقق السعادة من ثراء وشهرة إلا أنها لم تكن سعيدة حقاً وكانت تتمنى أن تموت أو أن تتعاطى المخدرات، ولكن ما إن اكتشفت الصورة الكبيرة ونظرت إليها حتى شعرت أخيراً بمشاعر السعادة، فقد تبرعت بكثير من أموالها للأيتام والمشردين وفي عام 2001 قبلت طلب مفوض الأمم المتحدة لتكون سفيرة للنوايا الحسنة وتبرعت بمبلغ يقدر بـ3 ملايين دولار لخدمة الأيتام واللاجئين، فهي توقفت عن النظر والتركيز على نفسها وبدأت بالنظر للصورة الكبيرة. فلا تظن أن كوكب الأرض يدور من حولك يا صديق فهو في الحقيقة يدور حول الشمس، فبدلاً من تركيزك للداخل باستمرار توجه للخارج إلى الصورة الكبيرة وانظر للآخرين.
 

الصورة الصغيرة (أنا أولاً) والصورة الكبيرة (الآخرون أولاً)

وكما يقول جون مكسويل بأن القادة غير المسؤولين هم الذين لديهم توجه ذهني مفاده "أنا أولاً"، ويستغلون مواقعهم للاستفادة الشخصية، أما القادة المسؤولون فإن توجهاتهم الذهنية تتجه إلى أن "الآخرون أولاً"، ويدركون بأنه لكي ينجح الفريق، عليهم أن يقدموا الآخرين على أنفسهم. فلذلك إذا أردت أن تتمتع بحياتك فاخرج من الصورة الصغيرة إلى الصورة الكبيرة. فالشخص الأناني هو أكثر من يتعرض للغش والخداع كما قال هنري بيتشر المناهض للعبودية، فبدءاً من اليوم اخرج من عالمك الصغير إلى مناطق لم تكن تزرها من قبل وشاهد كل التفاصيل التي كنت تغفل عنها ولا تدع مجالاً للأنا السفلى أن تقودك للانحطاط عن مغزى حياتك الأصيل الذي هو في خدمة الآخرين والنظر للصورة الكبيرة.
 

قصص تدل على أن النظر للصورة الكبيرة هي طريق السعادة والنجاة

وكما جاء في القصة الشهيرة بأن مجموعة من القدماء كانت لديهم ملاعق ذات يد طويلة وقِدراً أمامهم ليشربوا الحساء، فحاول كل منهم النظر للصورة الصغيرة فلم يستطع الشرب بهذه الملعقة وتدفق الشراب وانسكب على الأرض ولم يشرب أحد، وبعد محاولات عديدة بعد أن كادوا أن يموتوا من الظمأ حاول أحدهم أن يمد يد المساعدة لمقابله فسقاه من ملعقته والآخر بدوره سقاه من ملعقته وهكذا حتى شرب الجميع بملاعق بعض ونظروا للصورة الكبيرة وأدركوا معناها بصدق فنجوا.

وذلك الملك الذي احتار به الحكماء والأطباء ليخرجوه من كآبته وتعاسته، فلا شيء ينقصه، فقد ملك كل شيء، وذهب ليبحث في البلد عن شخص سعيد ليرى ما لديه حتى يأخذه منه حتى يسعد، فوجد فلاحاً بسيطاً في قمة السعادة، فسأل ما الذي عنده حتى أصبح سعيداً فقال له حاشيته أنه ليس لديه سوى قميص يرتديه، فأمر الملك بأخذ هذا القميص، فازداد الملك تعاسة وازداد الفلاح سعادة، وفرح بأن قميصه يرتديه الملك، لأن السعادة تكمن في النظر للصورة الكبيرة وليس العكس. فحاجتك للإشباع لن تتم إلا بتخليك عن صورتك الصغيرة ونسيان نفسك وانتقالك للصورة الكبيرة واهتمامك بالآخرين.




- انشر الخبر -